الأربعاء، 29 فبراير 2012

الهدر المدرسي أسبابه واجراءات الحد منه


الهدر المدرسي أسبابه واجراءات الحد منه


تقديم

يشكل الهدر المدرسي بالوسط القروي، و المتمثل أساسا في عدم التحاق الأطفال بالمدرسة، وانقطاعهم عنها لعدم التمكن من ولوج مستويات أعلى، آفة تؤرق بال المسؤولين عن تدبير قطاع التربية و التكوين ببلادنا، فرغم اعتمادات الدولة في هذا الميدان إلى ما يفوق 20% من الميزانية العامة السنوية، ورغم ما أعطي للتعليم من أهمية، باعتباره أولوية تأتي مباشرة بعد استكمال الوحدة الوطنية، فإنها تبقى عاجزة عن تحقيق الأهداف المسطرة.
لقد شكل تعميم التعليم أو التعليم للجميع أو إلزامية التعليم أحد الأهداف التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الإستقلال إلى الآن، فوضعت لها مخططات خماسية، ونظمت منتديات للإصلاح، تحت شعارات : الجودة والقرب و الجهوية، بل شكل التعميم، الدعامة الأولى في ميثاقنا الوطني للتربية و التكوين، إلا أنه ورغم كل هذه الشعارات فإن الهدر المدرسي الذي تزيد نسبته بالوسط القروي، يحول دون بلوغ الحاجيات المتزايدة لنظامنا التربوي في الآجال المناسبة.

حجم الإشكالية

لا تزال الأمية المرتفعة بالمغرب تقف عائقا عنيدا أمام انعتاقه من التخلف وتحقيقه للتنمية. فحسب الإحصاء السكاني الأخير عام 2004 يوجد نحو عشرة ملايين أمي فضلا عن أكثر من مليون طفل بين 9 سنوات و14 سنة خارج المدرسة.

وبالإضافة إلى هذه الكتلة الضخمة من الفتيان الأميين هناك 400 ألف طفل يتركون المدرسة سنويا بينما كان العدد في عامي 2004 و2005 حوالي 368 ألف طفل.

وتتصدر المدرسة الابتدائية قائمة المؤسسات التي يغادرها الأطفال دون أن يتمكنوا من فك ألغاز الكلمات أو كتابتها، ففي الموسم الدراسي 2005-2006 ترك مقاعد الدرس حوالي 216176 طفلا، ويمثل هذا العدد 6% من عدد الأطفال المسجلين خلال 2006، وذلك ما يشكل ضربة قوية لجهود الحكومة المغربية لتعميم التمدرس بالمرحلة الأولية والابتدائية.

ومقارنة مع دول المغرب العربي الأخرى يقف المغرب في مؤخرة الترتيب من حيث الحرص على إبقاء الأطفال في المؤسسات التعليمية، فنسبة المغادرة لدى الجزائر وتونس تتراوح بين 2 و3% في المستوى الخامس من الفترة الابتدائية.

أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب هم الفتيات بنسبة 58.4% وأطفال البادية بنسبة 80%، و40% من الأطفال المغادرين يحترفون الآن مهنا مختلفة.

وحسب دراسة أنجزتها كتابة الدولة المكلفة بمحو الأمية بتعاون مع اليونيسيف حول "الانقطاع عن الدراسة بالمغرب"، أحصت فيها الأرباح التي كان من الممكن أن يجنيها المغرب لو لم تكن أمية أبنائه مرتفعة، ظهر أن كل سنة يقضيها الطفل بالمدرسة الابتدائية كفيلة بتحقيق 12.7% من رفع مستوى الدخل مقابل 10.4% بالمدرسة الثانوية.

ويزداد الربح بنقطة عند الفتيات إلى أن يصل مجموع الخسائر بالنسبة للمجتمع نصف نسبة الدخل السنوي لسنة 2004، أي ما يقارب 2.8 مليار درهم.
ومن خلال البحت الذي قامت به منظمة اليونسكو سنة 2004 تبين أن المغرب يتوفر على أكبر نسبة من الهدر المدرسي في العالم العربي و هو يحتل في نفس الوقت المرتبة الثانية على مستوى المغرب العربي بعد موريتانيا. إن نسبة الهدر المدرسي مرتبطة بالناتج المحلي، و لهذا تونس و الجزائر اللتان تتميزان باقتصاد قوي بعائد إجمالي أكبر من 5000 أورو. هذان البلدان نسبة الهدر المدرسي فيهما هي 2-3% فيما يتعلق بالسنة الخامسة من التعليم الابتدائي. أما بالنسبة للمغرب و موريتانيا اللذان يتراوح عائدهما الإجمالي بين 3350 أورو إلى 1750 أورو،فــإن نسبة هدرهما المدرسي في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي هو ما بين 6% و 22% . و رغم ذلك حقق المغرب نتائج مشجعة فيما يتعلق بنسبة التمدرس و المساواة بين الفتيات و الذكور على سبيل المثال قامت وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحت العلمي بتعاون مع منظمة اليونيسيف ببحت حول البنات و الذكور لاحظت من خلاله تراجع نسبة الهدر المدرسي ب 12 نقطة بين 1997/98 و 2002/03 على المستوى الوطني. و سجلت 22 نقطة على مستوى الوسط القروي. برغم من هذا النجاح المسجل يبقى هناك عمل الكثير للتقليل من هذه الظاهرة. بناءا على إحصائيات وزارة التربية الوطنية المسجلة في نهاية 2004 على شريحة من التلاميذ بلغ عددها 1000 تلميذ مسجلين للمرة الأولى في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، 620 و صلوا إلى السنة السادسة أما 380 منهم فقد غادروا مقاعد الدراسة قبل الوصول إلى هذا المستوى. إن الوسط القروي هو الأكثر تعرضا لظاهرة الهدر المدرسي أكثر من غيره، رغم أهميته في الطبقة الفقيرة في الوسط الحضري. أما بالنسبة للأحياء الشعبية حيت الوضع الاقتصادي ضعيف، تجد إشكالية الهدر متزايدة مقارنة مع الأحياء الأخرى :. من الملاحظ أيضا إن أكثر التلاميذ الذين يغادرون المدرسة هم أبناء أحياء الصفيح ، و من هنا يمكننا أن نضع السؤال التالي: ما هي أسباب الهدر المدرسي؟ في الحقيقة مشكل المغادرة المبكرة للمدرسة هو معقد جدا و المعقد أكثر هو تحديد الأسباب التي تؤدي إلى مغادرة التلاميذ لمدارسهم. يقول السيد الشداتي مستشار اليونيسيف : "عندما نلاحظ عامل يخص عدد كبير من التلاميذ الذين يغادرون الدراسة فهذا لا يعني وجود رابط السببية بين العامل و القيام بالمغادرة". إن البحث الذي قامت به اليونيسيف خلال سنة 2004، يعرف الأسباب الرئيسية للهذر المدرسي ، و قد قسم هذا البحت هذه الأسباب إلى أسباب مدرسية و أسباب غير مدرسية.

إن مشكل الهدر المدرسي هو مشكل بدون حدود يؤثر على المجتمعات و الجماعات في العالم بأسره. نتائجه ممكن أن تكون خطيرة و خطيرة جدا فهو يؤدي إلى انتشار الأمية، البطالة ،الجريمة في المجتمع و هدر الموارد المالية للدولة. إن الهدر المدرسي له تأثيرات مباشرة على القدرات الاقتصادية للمجتمع، مع وجود تاثير كبير على الناتج الداخلي للدولة. هذه الإشكالية تقتضي اهتماما خاصا، وذلك بفهم أسبابها ونتائجها الشيء الدي سيمكن فيما بعد من إيجاد حلول مناسبة لها. هدا العرض هو دراسة لإشكالية الهدر المدرسي اولا على مستوى المغرب العربي، و ثانيا على مستوى المغرب. الهدف من هذه الدراسة هو إبراز أبعاد هذا المشكل و أسبابه الرئيسية
ماذا نعني بالهذر المدرسي؟

مفهوم الهدر المدرسي

الهدر المدرسي من المصطلحات الفضفاضة التي يصعب تحديدها لاعتبارات عدة. أولاها تعدد المسميات لنفس المفهوم و اختلاف الكتابات التربوية في المنطلقات الذي يوصل إلى الاختلاف في فهم الظواهر، و بالتالي الاختلاف في توظيف المصطلح

مصطلح الهدر في الأصل ينتمي إلى قاموس رجال الأعمال و الاقتصاد إلا أنه دخل المجال التربوي من منطلق أن التربية أصبحت تعد من أهم نشاطات الاستثمار الاقتصادي.
التعليم ينظر إليه اليوم في كثير من الدول و البلدان المتقدمة كاستثمار له عائده المادي حيث أصبح للمؤسسات التعليمية دورها المؤثر في إنتاج الثروة المعرفية و التكنولوجية و الاقتصادية من خلال إعداد الموارد البشرية المؤهلة.

أحيانا نتحدث عن الهدر المدرسي و نعني به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية التي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل دراسته. لكن نفس الظاهرة يرد الحديث عنها في كتابات بعض التربويين بالفشل الدراسي الذي يرتبط لدى أغلبهم بالتعثر الدراسي الموازي إجرائيا للتأخر. كما تتحدث مصادر أخرى عن التخلف و اللاتكيف الدراسي و كثير من المفاهيم التي تعمل في سبيل جعل سوسيولوجيا التربية أداة لوضع الملمس على الأسباب الداخلية للمؤسسة التربوية من خلال إنتاجها اللامساواة

إلا أننا بشكل عام نتحدث عن الهدر المدرسي باعتباره انقطاع التلاميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام المرحلة الدراسية أو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة.
يشمل مفهوم الهدر المدرسي في معناه العام كل ما يعيق نجاعة العمالية التعليمية التعليمة.و يتسع مجال هذا المفهوم إلى عدد كبير من الظواهر الموجودة في المنظومة التعليمية و منها:
  1  الانقطاع عن الدراسة 
2  عدم الالتحاق بالدراسة
 3 الرسوب و التكرار
 4 الفصل من الدراسة
 5    تغيبات المتعلمين و المدرسين 
  6 عدم بلوغ     الكفايات   التعليمية
 7 عدم إكمال المقررات الدراسية

و كيفما كان التعريف الذي نرتضيه لهذه الظاهرة، فإننا يجب أن نعترف أننا أمام ظاهرة تؤرق المجتمعات العربية بشكل عام. فهي تحمل كل مقومات الفشل سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع. و هي من العوامل القادرة على شل حركة المجتمع الطبيعية و تقهقره عائدة به إلى عتمة الجهل و التخلف و الانعزالية بعيدا عن نور التطور و مواكبة لغة العصر في التقدم و الانفتاح.

بشكل أدق الهدر المدرسي هو نتيجة ضعف مردودية المنظومة التعليمية .
ويمكن تعريفه أيضا على أنه حجم الفاقد من التعليم نتيجة الرسوب و الانقطاع.
تحديد المفاهيم المرتبطة بالهذر المدرسي
يقتضي تناول الهدر المدرسي معالجة ظاهرتي الانقطاع والتكرار بمختلف مستويات أسلاك النظام التربوي بما فيه ظاهرتي الفصل عدم الالتحاق بسلك تعليمي رغم امتلاك الكفاءات المؤهلة لولوج هذا السلك.
مفهوم الانقطاع عن الدراسة:
يعتبر منقطعا عن الدراسة كل طفل ابتدأ مرحلة تعليمية ولم يتممها بنجاح. والانقطاع ثلاثة أنواع:
التسرب: يصنف تلميذ في خانة متسرب إذا سجل نفسه بالمدرسة وغادرها إراديا، دون الحصول على شهادة المغادرة، خلال السنة الدراسية لسبب من الأسباب؛
عدم الالتحاق: غير الملتحق هو كل تلميذ نجح أو كرر مستوى دراسي ولم يلتحق في الموسم الدراسي الموالي بالمدرسة ولم يحصل على شهادة المغادرة رغم توفره على المؤهلات والإمكانات النظامية والتربوية المتاحة.
الفصل: يكون التلميذ فيه مرغما على مغادرة المدرسة على إثر الفشل والتأخر الدراسيين أو لأسباب أخلاقية وتربوية. يحدث هذا الانقطاع على إثر قرار إداري وهو ما يعبر عنه "بالفصل عن الدراسة"، وتكون المدرسة مسئولة عن هذا النوع من الانقطاع.

أسباب الهدر المدرسي

ظاهرة في مثل تعقد الهدر المدرسي، يصعب تحديد أسبابها بشكل محدد. ذلك لأنه يتداخل فيها ما هو ذاتي أو شخصي بما هو اجتماعي لينضاف إليه ما هو اقتصادي. دون إغفال ما للجانب التربوي من تأثير في هذه العملية:

من جهة الأسباب الكامنة وراء تأخير التمدرس في الوسط القروي،يمكن إرجاعها إلى أسباب من داخل المنظومة
وأسباب أخرى من خارجها ، اجتماعية وثقافية واقتصادية.وتخص العوامل الداخلية،بعد المدارس عن مكان إقامة التلاميذ، وعزلة الدواوير وضعف التجهيزات الأساسية في المدارس (ماء-كهرباء-مراحيض) وظروف عيش المدرسين، وكذا عدم ملائمة مقررات التعليم مع الواقع المحلي، كما أن العديد من بنايات المدارس الابتدائية بهذا الوسط، تعاني من التدهور و التلاشي، إضافة إلى الاكتظاظ الذي أصبحت تعاني منه الأقسام المشتركة، ومعاناة التلاميذ من الازدحام بسبب قلة المقاعد.وتتعلق العوامل الاجتماعية و الثقافية بوضعية المرأة، ونظرة السكان القرويين للمدرسة، فالعادات و التقاليد تلعب دورا هاما، حيث نجد عائلات لا تقبل على تعليم البنات، وفي أحسن الأحوال يقف تمدرسها في المراحل الابتدائية.
أما العوامل الاقتصادية فذات أهمية نظرا لارتباطها بالإمكانات المادية المحدودة للأسر، فارتفاع تكاليف الدراسة من واجبات التسجيل، وشراء الأدوات و الملابس، وعدم استفادة التلميذ من منحة دراسية، كلها عوامل تجعل الأطفال خاصة الإناث منهم-ينقطعون عن الدراسة، للبحث عن عمل يوفر دخلا إضافيا للأسرة.


الأسباب غير المدرسية

الأسباب غير المدرسية هي التي يصعب تحديدها لأنها تتعلق بالظروف الشخصية للفرد و التي تتعلق بظروف اجتماعية و اقتصادية. الأسباب  عمل الأطفال ضعف الدخل المادي للأسرة غير المدرسية يمكن تلخيصها في ما يلي:  :600.000 طفل يشتغل في المغرب  الوضع  رد الفعل السلبي للآباء أمية الآباء  المشاكل العائلية :الطلاق..... الصحي للطفل  اتجاه المدرسة  بعد المدارس عن  الزواج المبكر عند البناتالمنازل

- يبقى الجانب الأسري من الأسباب الأكثر إلحاحا، باعتبار الأسرة صمام الأمان لحياة الطفل بشكل عام. فحياة الطفل تبقى مستقرة مادام الوضع العائلي كذلك، و ما أن يحصل أدنى توتر في العلاقة بين الآباء حتى تتحول حيات الأطفال إلى كابوس. فالطلاق و الخصام المستمر بين الأب و الأم يخلق لدى الطفل حالة من الرغبة في إثارة اهتمام المحيط في أهميته داخل بنية العائلة. و قد يكون ذلك بمزيد من الشقاوة و الجنوح و التهرب من المدرسة و واجباتها. الذي يؤدي بشكل آلي إلى التكرار المستمر و بالتالي الانقطاع عن المدرسة وسط غياب الاهتمام لدى الأسرة و متابعتها لمسيرة الطفل الدراسية

- و في نفس الإطار نلح على أن انشغال الأب أو الأم أو هما معا بمتاعبهما داخل الشغل و قساوة العيش و صعوبة توفير العيش الكريم يؤدي بهما إلى عدم المتابعة اليومية لعمل الابن و عدم إلحاحهما على بذل مجهود إضافي من أجل التوفق الأمر الذي يدفع الابن إلى الإيمان بلا جدوى العملية برمتها فيعلن تمرده من التعليم

- الوسط الذي ينشأ فيه الطفل له هو الآخر تأثير على مستوى تحصيل الطفل و بالتالي استمراره أو توقفه عند مرحلة معينة من التدريس: فالأسرة التي يكون أفرادها أميين لا يعيرون اهتماما للعلم لا يتخرج منها في الغالب الأعم إلا أطفال يقنعون باليسير من العلم ما دام مثلهم الأعلى هذه حالته. و من جانب آخر، تلعب العادات و التقاليد دورا هاما حيث نجد عائلات في العالم القروي لا تقبل على تعليم البنات. و في أحسن الأحوال فإنها تقبل على استكمالها مرحلة التعليم الابتدائي لتقف مسيرتها الدراسية عند هذا الحد. مادام بيت زوج المستقبل هو مآلها.

- و في ارتباط بالوسط، نشير هنا إلى رفقة السوء التي من الممكن أن تؤدي بدورها إلى الانقطاع عن الدراسة. حيث يتأثر الطفل بأصدقائه غير الراغبين في الدراسة. فيبدأ في التراخي في إنجاز دروسه و تكاسله و ربما غياباته المتكررة. مما يؤدي بالمدرسة إلى اتخاذ قرار بفصله وقد يحدث ذلك بشكل تلقائي. و تزداد خطورة هذا العامل إذا انضاف إليه عامل آخر يتمثل في الفهم الخاطئ للأبوين لحب الابن فيبالغان في تدليله و تلبية كل رغباته دونما خضوعه لمحاسبة

- الفقر الذي قيل عنه أنه كاد أن يكون كفرا قد يكون سببا في الانقطاع عن المدرسة، حيث ارتفاع تكاليف الدراسة من واجبات التسجيل و شراء الأدوات و الملابس و ربما البحث عن مسكن .و عدم استفادت التلميذ من منحة دراسية تمكنه على الأقل من المبيت داخل أسوار المدرسة. و قد يكون الأب في حاجة إلى من يساعده في تحمل متاعب الحياة فيزج بابنه في عالم الشغل بدل البحث له عن مقعد داخل المدرسة
الأسباب المدرسية

- و قد نسترسل في ذكر الأسباب المرتبطة بالمجتمع و مدى اهتماهمه بالعلم و بشخصية التلميذ ذاته... لكن ألا يحق لنا أن نتساءل عن إمكانية أن تكون المدرسة من العوامل المنفرة من العلم و الدراسة و بالتالي قد تكون هي الأخرى سببا من أسباب الهدر المدرسي؟
- الأسباب المدرسية لها علاقة بالنظام التربوي السلبي الذي يعوق التلاميذ عن متابعة الدراسة. حسب منظمة اليونيسيف الأسباب المدرسية  ضعف سوء العلاقة بين المعلم و التلميذ  الفشل في الدراسة يمكن حصرها فيما يلي:   ضعف البنية التحتية للمدارس الوسائل البيداغوجية   قلة الأنشطة  الإحباطات  الغياب المتكرر للمعلم أو الأستاذ   قلة التكوينات  ضعف المؤهلات لدى مديري المؤسسات الترفيهية  الخاصة  عدم ملائمة بمديري المؤسسات  التكوينات الأساسية للأساتذة مع متطلبات المدرسة و التلاميذ إن الأسباب الغير مدرسية تجعل ولوج التلاميذ إلى المدرسة أمرا صعبا ، أما الأسباب الدراسية فهي تجعل الأطفال غير مهتمون بالمدرسة. و الأمر الأكثر تعقيدا هو أن الآباء لايرون في المدرسة سوى مؤسسة لتخريج المعطلين عن العمل، فالحصول على شهادة عليا لا يعني بالضرورة في المغرب الحصول على عمل محترم.
الأسباب الذاتية:
- اهتراء البنية التحتية للمدارس وغياب الوسائل البيداغوجية والديداكتيكية.
- عدم مواظبة المدرسين وكثرة التغيبات، خاصة في العالم القروي.
- عدم تعميم التعليم الأولي وخاصة بالوسط القروي.
- صعوبة التحصيل وما ينتج عنه من فشل في الدراسة.
- سوء العلاقة بين المدرس والتلميذ.
- ضعف تفعيل الحياة المدرسية.
الأسباب الموضوعية :
بعد المدارس عن سكنى التلاميذ:
ضعف الدخل المادي للأسرة.
عزلة الدواوير بسبب ضعف البنية التحتية والمواصلات.
تشغيل الأطفال.
أمية الآباء والأمهات
المشاكل العائلية كالطلاق ، موت أحد الوالدين،...
الوضع الصحي للطفل.
الزواج المبكر عند البنات، خاصة بالوسط القروي....

تدني التعليم وارتفاع تكاليفه أدى إلى العزوف عنه:

ومن أهم أسباب الهدر المدرسي حسب التقرير ارتفاع تكاليف الأدوات المدرسية بالنسبة للأسر المغربية التي تعاني من ارتفاع الأسعار، ونوعية التجهيز المدرسي الذي يتطلبه الطفل اليوم.

الأدوات المدرسية تأتي في طليعة أسباب مقاطعة الأطفال للدراسة، إذ إنها تستنزف 10% من الدخل الأسري أي 1200 درهم للطفل الواحد في السنة.

وإلى جانب الأدوات المدرسية هناك أيضا تكاليف التسجيل من تأمين وتصوير وتسجيل وواجب الانخراط في جمعيات الآباء والأولياء، فضلا عن دروس الدعم الليلية والأسبوعية والشهرية.

وانتقد التقرير -بناء على المعطيات السابقة- شعار مجانية التعليم الذي نص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين الحكومي وحذر من أنه "إذا لم تتدخل الدولة، فمن المحتمل جدا أن يتحول الهدر المدرسي إلى نزيف مستمر".

تدني التعليم:

ومن الأسباب المساهمة في الهدر المدرسي تدني مستوى التعليم العمومي بالمغرب. فحسب الدراسة فإن علاقة الطفل بالمدرسة أصبحت علاقة نفور، إذ تلاشى الرابط بين التلاميذ ومدرسيهم بسبب العنف والتهميش.

كما تعاني المدرسة المغربية من نقص في التجهيز التربوي وندرة في الأنشطة غير التعليمية، وضعف في تكوين المدرسين لمواجهة حاجات الأطفال ومشاكلهم. وتطول لائحة الأسباب الخارجية المنفرة للأطفال من المدرسة، كالتفكك الأسري، وأمية الآباء والأمهات، وتأثير الشارع، والمخدرات والبطالة، والرغبة في الهجرة إلى الغرب.

وحسب آخر إحصاء وصل عدد الأطفال الذين غادروا الدراسة إلى عشرة ملايين و18 ألف طفل.


ما هي نتائج الهدر المدرسي ؟

أول نتائج الهدر المدرسي هو انتشار الأمية بين الشباب: في شهر يوليوز 2006، الوزير الأول المغربي ادريس جطو أعلن أن نسبة الأمية وصلت الى %39 . ويعتبر أن المغرب حقق نجاحا كبيرا لأن نسبة الأمية خلال سنة 1998 كانت تبلغ %54. رغم هدا النجاح ، فالمغرب يسجل أكبر نسبة أمية في المغرب العربي. النتيجة المباشرة للأمية هي من دون شك البطالة التي من شأنها أن تولد لذى الشباب الرغبة في الهجرة الى أوروبا ، وأيضا الرغبة في الربح السريع عن طريق القيام بأنشطة غير مشروعة. باختصار الهدر المدرسي و البطالة هما سببان رئيسيان في انحراف الشباب.الشيء الذي يؤدي الى إنتشار الجريمة و ارتفاع مصاريف الدولة فيما يتعلق بتأسيس نقط للمراقبة وأيضا لإنشاء مؤسسات إصلاحية لإعادة تأهيل هذه الشريحة.

ما هي إستراتيجية محاربة الهدر المدرسي؟


من أجل محاربة الهدر المدرسي، ودعم التمدرس بالوسط القروي، وتشجيع أبناء المناطق النائية على متابعة دراستهم في ظروف ملائمة، ينبغي اتخاذ مجموعة من الإجراءات و التدابير نذكر منها :
 القيام بدراسات حول الهدر المدرسي و الانقطاع المبكر عن الدراسة، من أجل تحديد المناطق و الجماعات الأكثر حاجة واستعجالية للتدخل، سواء بتكثيف عمليات التحسيس و التأطير، أو تقديم مختلف أشكال الدعم التربوي و الإجتماعي.
فبخصوص الدعم التربوي يجب إحداث خلايا اليقظة بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالتعليم المدرسي، في أفق استباق الأمور ورصد الحالات المهددة بالهدر، هذا فضلا عن إحداث مراكز للإنصات و الدعم السيكولوجي، للتلاميذ و التلميذات، على مستوى المؤسسات التعليمية، وتزويدها بإخصائيين اجتماعيين ونفسانيين للحد من الظواهر السلبية التي تعرفها المدرسة.
أما الدعم الإجتماعي فيتجلى في مجالات متعددة، نذكر منها بالأساس، تحسين جودة الخدمات الداعمة للتمدرس، وذلك بتوسيع شبكة المطاعم المدرسية و الداخليات، بتأهيلها وترميمها وتجهيزها، وبناء دور للفتيات المنحذرات من الوسط القروي، من أجل إيوائهن وضمان بيئة تربوية مناسبة لهن، وسكنا لائقا قصد تشجيعهن على متابعة دراستهن في أحسن الظروف، ومواصلة تطوير مجال النقل المدرسي لدى أوساط الأطفال القاطنين بعيدا عن المؤسسات التعليمية، وذلك بإحداث جمعيات خاصة بالنقل المدرسي في الجماعات القروية.
(أشرفت الوزارة لحد الآن على توزيع حوالي 50 حافلة على مجموعة من النيابات ).
-إحداث أقسام مدمجة للإعاقات الخفيفة و المتوسطة، الذهنية و السمعية، في مجموع القرى بالمملكة، والإهتمام بالولوجيات عند بناء المدارس.
- الرفع من عدد الممنوحين و المستفيدين من الدعم الإجتماعي.
وأخيرا فالوقاية خير من العلاج، فبذلا من أن نترك المنظومة التربوية بصفة خاصة و البلد بصفة عامة، تتهددهما مجموعة من الإختلالات، كالتعثر الدراسي، و الأمية و البطالة و الجريمة، إضافة إلى الإعتمادات المالية الهائلة التي تنهك خزينة الدولة، علينا أن نعمل مع الجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني، على تنقية الجو المدرسي من كل الشوائب و المسببات للهدر المدرسي حتى نضمن مستقبلا رائعا لأبنائنا، وحتى نحقق رهان مدرسة الجودة، وبأقل درجة من الهدر.



خلاصة

إن مشاركة الشباب لها أهمية كبيرة في محاربة الهدر المدرسي. الشباب لديهم الخبرة و احتكاك مباشر بالمدرسة إضافة الى الصبر و الطاقة من أجل الانخراط في التغيير. إن الجيل الجديد يملك الأفكار الجديدة الضرورية من أجل الحد من الهدر المدرسي. لكن الشباب لا يستطيع عمل كل شيء بمفرده، لذلك فمن المهم و الضروري إدماج كل الساكنة في مراحل حل المشكل. الحد من الهدر المدرسي يكون أكثر فاعلية عندما يشارك فيه الجميع: آباء التلاميذ، أساتذة، مديري المدارس، المؤسسات المحلية، و خاصة التلاميذ. يجب على الشباب الوعي بحجم المشكل، أسبابه، مخلفاته، والفاعلين في هذه اللإشكالية عوض انتظار تفسيرات الآخرين، الشباب يجب أن يجتمع، ويحلل مشكل الهدر المدرسي عن طريق إنجاز دراسة ميدانية للإشكالية. مرحلة التواصل جد مهمة من أجل تحسيس الساكنة بالمسؤولية، ولكن كذلك من أجل القدرة على الإنصات وجمع الاقتراحات. بهذه الطريقة، يمكن إعادة معالجة مختلف نقط الموضوع وفي نفس الوقت إثارة انتباه الساكنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق